في تعريف بسيط وكمدخل لهذا المقال ، نتحدث عن النقابة ودورها حيث هي عبارة عن انضمام مجموعة من العمال إلى نوع محدد من المنظمات بغرض تحسين ظروف عملهم وتعزيز المصالح المشتركة بينهم ، بحيث يمكن لأي عامل الاجتماع مع الإدارة والتفاوض معها حول أي مشكلة تؤثر عليه أو على وظيفته بما في ذلك الأجور والمزايا وظروف العمل المختلفة .
من هذا التعريف ندرك جيدا الدور المؤثر الذي تلعبه النقابات في الهيئات والمنظمات والشركات والمؤسسات المختلفة ، لأنها اي النقابات تمثل ( الدرع ) المتين لحماية حقوق العاملين وضمان عدم إهدار تلك الحقوق أو هضمها باي شكل من الأشكال .
ولكن بنظرة عامة لتاريخ معظم النقابات السودانية في معظم الهيئات والمؤسسات نجد أنها يتم ( تسييسها ) لأغراض ومصالح خاصة عبر واجهة ولافتات تتحدث عن الحقوق ، خاصة حقوق العاملين لكنها للأسف لا تخدم العامل ، بحيث يتم استغلال تلك النقابات أسواء استغلال لخدمة أجندة خاصة بلا حسيب أو رقيب . لذلك نعود ونقول بأنه من الضروري وجود نقابات فاعلة ومؤثرة في الهيئات والمؤسسات لضمان حفظ حقوق العمال ، لأن غياب تلك النقابات يهدر حقوق العامل ، بل ولا يعرف لأي جهة يتظلم أو يلجاء إليها مثلا حال حدثت له مشكلة أو مثلا يريد عرض مقترحات أو يطالب بتحسين بيئة العمل في المؤسسة أو الهيئة التي يعمل بها .
بالنسبة لنقابة عمال هيئة الموانئ البحرية فهي حتى الآن لم يتم التوافق على رؤية محددة لها ، وبالعودة قليلا للوراء نجد أن هناك عدة كيانات وتجمعات من داخل الهيئة انقسمت وعملت على تكوين أكثر من جسم لتعيين لجنة تسيير للنقابة مما أدى لحدوث انشقاقات وانقسامات بين الأطراف لتغيب الرؤية تماما وتتسيد الضبابية الموقف تماما في ظل تمسك كل طرف برأيه .
وهنا نجد أن معظم العاملين في هيئة الموانئ أصبحوا هم أيضا متقسمين فيما بينهم ، جزء مع جهة وجزء آخر مع الجهة الأخرى واستمر هذا الوضع لفترات طويلة ، وغابت النقابة عن الكثير من الأحداث داخل هيئة الموانئ ولم نجد لها أي أثر بسبب تلك الانقسامات والانشفاقات .
وبالتالي أصبح صوت العاملين غير مسموع لانه لا توجد جهة تمثلهم للاسف أو تتحدث بالنيابة عنهم ، جاء ذلك نتاج طبيعي للخلافات التي نشبت بين المتصارعين حول النقابة .
الان يجب عدم تكرار نفس السيناريو السابق ، وعلى العمال عدم تفويت الفرصة هذه المره لأنهم هم أصحاب حق أصيل في تأسيس نقابة متكاملة وبتوافق جميع العاملين بهيئة الموانئ البحرية لتحفظ حقوقهم وتكون هي التي تمثلهم في مختلف القضايا والمناسبات وعبرها يطالبون بحقوقهم وابداء آرائهم ومقترحاتهم للتطوير وتجويد العمل بالهيئة وخلق بيئة عمل مثالية بلا أي مشاكل او عوائق .
توافق العاملين حول رؤية محددة ترسم خارطة طريق تأسيس نقابة معترف بها هو ضرورة ملحة تمليها عليهم الظروف الحالية خاصة وأننا على أعتاب عام جديد نتطلع فيه لجعل الموانئ أكثر مواكبة وانفتاح على المجتمع الدولي وذلك لا يتأتى إلا عبر إرادة حقيقية للعاملين بالهيئة ومن خلفهم نقابة متوافق عليها تحفظ حقوقهم وتكون سندا وعونا لهم . لكن أن تكون مؤسسة كبرى مثل هيئة الموانئ ذات الأهمية الاقتصادية الكبرى على مستوى السودان بلا نقابة فاعلة فهذا أمر يحتاج لوقفة متأنية وتحرك سريع من العاملين بالهيئة لتكوين النقابة مع بدايات العام الجديد بعيدا عن التكتلات والتجمعات والتي لن تحدث أي توافق بل ستعمل على تأجيج الصراع والخلافات كما حدث في السابق ليتواصل ضياع حقوق العاملين بالهيئة .
ختاما ، الكرة الآن في ملعب العاملين بالهيئة للاستفادة من دروس الصراعات والخلافات السابقة التي حدثت أثناء محاولة تعيين لجنة تسيير للنقابة والعمل على توحيد الرؤى ورسم ملامح حقيقية لنقابة قوية متماسكة تأتي برضا وموافقة جميع العاملين .
تقرير/إيهاب شفيق.